الاثنين، 23 يونيو 2014

وجَد به أي أصاب الشغاف . عَبَره!
الوجْد أن تصاب، تصاب بالفقد ، تعلن خسارتك التامة لصورة قد سبقت ظلّك و عرّفتك و كنت راكناً إليها ، نائيا بها نحو ما استفز وجودك وتركه يستطيل بثقله وقيمته من جديد.
من هنا تستنشق النهايات قساوتها ، ليس لأنها الآخِر ، بل لحجم الفجوة التي تتركه في صورة هذا الوجود البهية و التي انتميت إليها حتى آخرك ، 
لتذرَك بئراً يتدلى فيه الظلّ منكسرا ...تقاسي وجودك من جديد .
إن أي من الخيال لا يكفي ليبتكر أبسط الأشياء أمامك 
فكيف ستجدل اللغة ليلا معلقا بصدرك كالغمام؟
لا حقيقة في عمق كل هذا سوى أن الريح تمتحن قدرتك على أن تنتصب شراعا ، أن تمتلك أقل ما يمكّن وجودك على احتمال نفسه فيما بقي من الليل .. ليمضي

الخميس، 19 يونيو 2014

حزيران مطفأ العينين

ها هي لحظتك المرتقبة سيدتي ، نديانة كهذا المساء الذي يغسل الحنين بوحشته
وَعْثاءُ كوجه المدينة

كان الطريق يديرُ لك لحناً مشتبكاً بالموت كان المليء بالنبض المكبوت ، كان الطريق ينتظر هذه اللحظة ليذروَ على وجهك دقيق َلهيبه ،من شمسه و قد أطفأت عينيها فيك ، وهطلت في قلبك ثقباً ثقباً
ممدودة كالنداء السحيق مصلوبة 
كالراية ، مباحة 
سيدتي ، ظلّك؟
انقطع الظل منك ، وتركت لعراءِ النهار، يلقم صدرك من دمك 
يد منك تضغط على ثقب الجرح و يد تسحب من تحتك بساطك الأخير فتسقط الأشياء مهزومة كعينيك .
قلبك الصغير الصغير 
قلبك الثقيل ككف الموت ، الثقيل. 
"زمنٌ يا سيدتي فيك يتقاطع و أنت اخترت أن تذهبي في الطريق الذي يتراجع "
والآن و أنت على مقربة من نفسك ، لا شيء بقي ليفصل بينك و بينك 
ووجه ما ، وجه لا حزين ولا فرح، ينبشُ فيك باطنك الذي لم تكتشفيه قبل هذا فيعكس جروحك مرئية بين مقلتيك ، تمضين رأسك بين كتفيك لا تلوين على شيء إلا أن تضعي مصيرَك حيث وجدتيه أول مرة و إن خذلكِ ، وحدك
لا خلفك و لا أمامك، هو ذا يرفرف فوقك ، يظلّلُك ..تسيرين فيه مكتملة الظل كنبضة وجدت الطريق أخيرا نحو هاويتها / رصاصتها . مخلفة ندبتها على جبين هذا الليل الذي لاقيت منه ..ما كفى ! 

"آه كم كنت كما كنا نرش النور 
وتهدجنا غناء 
تهدجنا بكاء 
ثم لم نلق من كل هذا ، إلا باباً بخيلاً"

الثلاثاء، 3 يونيو 2014

ميلاد

أؤمن بأن أول من اعتاش على معنى الميلاد الحقيقي هو ذلك البشريّ محتشدةً فيه كل الوجوه التي مرّرت دهشتها على عمره دفعة واحدة تلك التي أعادته لما يشبهه وما هو عليه الآن ، راسمة له طريقا حيّا بكل تفاصيله
أؤمن بأن أول من اقتات على لهفته المذهلة هو ذلك المغتسل تماما بالحقيقي\ القدسيّ الذي لا يثقبه انتظار ولا تقتله مسافة و لا يأتي إلا من وراء خيوط الشمس الأخيرة ، لا يأتي إلا في أوانه مكتملا في بهائه 
الميلاد حنين ، حنينٌ لما كنت عليه ، لما عرّفك و أكسبك صفة غارقة في الأمس ، لما يجب أن تكون عليه وما لم تدركْكَ المسافات منه ، حنين لكلّ وجه مضى وسقى التعثّر به بالشهيق المرمّد، لكل من سيأتي وينفث غيماً بليغاً بالأبجديات التي لم تفنَ بعد . الميلاد بلاد صنعت وجودك و رأتك كامل الهشاشة فنفحت فيك التشرد أبدا .

الميلاد كل ما ارتجفت له الروح، كل ما ثقبها في الوسط تماما ، كل ما قالته على أدراج الصدى ولم ينصت إليه أحد ، كل ما أعادها لغربتها الأولى، لصرختها الأولى ، كل ما حرسها ، كل ما ندّاها كل ما أحياها وكل ما اتّسع لها 

ممتنّة لاثنين وعشرينَ أخرجتني منّي و سجّت بداخلي كل هذه الوجوه والأصوات و الأرواح ، ظللتني بكل هذا الحنين لمن استُلبت من ضلعه قديما و سحبتُ من عينيه كل صباح سحابا فذوَت غربتي في سكناه وسافرت في ما فوق خطاي من خطاه 
ممتنّة لكل ما صفّر بداخلي لحنا و أبجدية ، ولكل ما حفّ الشغف بها
محبّات لكل من رفع لي اليوم سماء خفيفة خفيفة غمرتني فكُنتُها
حزيران وميلاده أقل غربة بكم جميعا يا رفاق .