الجمعة، 27 ديسمبر 2013

مسجّىً أمامي هادئاً هادئاً، ولا قافية تكفي لاندفاع كلامي الكثير إليك 
أنا المرثية و الراثي لحنين يتوق لإعادة الزمان والمكان إلى حيزه الأصلي 
قم يا جدي لنواري التراب قليلاً عن وجهك علّنا نحفطه قبل أن تحملْك الفراشات إلى مدارج الضوء ،خفيفاً مثلها 
أنت أنت ، لا خيالك، حيٌّ في خرير دمائنا الساخنة و أنت الحي في موت مجازي منتقى بعناية ملاك 
لم أكن طفلة يا جدي حين حفرت بداخلي أحاديثك عن حياة لم تأت إليك راغبة ، بل أتتك ممانعة ، هاشّة ، أحياناً باشّة ، و على استحياء . لكن التدريب على الألفة هو ما جعل منها شيئاً يمكنك التعايش معه. و عشت لأن يداً إلهية ساقت إليك أملاً يستعصي على المقايضة ، فكان منه ما يكفي لقطع المسافة الطويلة من اللامكان هنا ، و حتى اتساع قبرك .
ولكني أنا الطفلة الآن لا تحمل بديهة عزلاء تكفي لتدافع كهذي النوافذ عن حقها في النظر إلى الراحلين .
مهما نأيت يا جدي ستدنو ومهما مت ستحيا 


فلا تظن أنك ميت هناك ،
في ظلّك حشد ظلال ، وهذي الحياة ينقصها عتابك ؛ لو قالت لنا ما هي ، وأن هناك موتاً أقسى منها لأحببناها قليلا و خففنا الأمتعة
ها هو الموت يذكرنا بسرك الذي رددته علينا طويلاً
سأناديك ، بقلب من قلوبي المنهارة أمامك ، انتظرني مهما تأخرت ، و نم هادئاً
هذا هو نومك ،حُلمك للسّكنى في السماء ،
و ها هي ظلالك فوق أكتافنا سنحرسها كأحلامك والذاكرة ..
نم هادئاً ،
نم هادئاً . عليك السلام .




الخميس، 19 ديسمبر 2013

عن العاصفة ، و قلقنا


بعد أربع أيام و أكثر للعاصفة ، تلك الموجة التي اجتاحت الشعب فرحاً في البداية ، ثم ما لبثت أن وضعتهم وجهاً لوجه أمام الكثير من التباسات الضيق و الخوف والشعور بالعجز ، بحيث استطاعت أن تجمع نثار النفس البشرية الضعيفة أمامنا في أنوية صغيرة تواجدت تحت كل سقف ، أو حتى من هم بلا سقف ، لنواجه سوياً سيطرة الطبيعة على أحوالنا و مزاجنا و حتى على شجاعتنا ، و نراقب تحولنا بعد أيام قليلة إلى مجموعات بشرية تحاول التأقلم مع وضع حياتي شديد المفاجأة استبعدناه طويلاً عن دائرتنا.

فلنعترف بأن كان لهذه الموجة من أثر للتغول داخل كل نفس منّا ما كان ، تحديداً في اليوم الثالث المخيف لها بعد أن وعينا لكل الإنهيارات و الكوارث الحاصلة ، ولبثنا ننظر إلى النوافذ متسائلين ما تراه يحصل غداً ؟ وهل سنجد خيراً كافياً لاحتمال هذه المحنة؟

لقد خلقت فينا هذه الأيام حاجة للبحث المتواصل عن ذاتنا الجمعية والفردية ، لنفكر كيف نتصرف بهذه الذات و لنوقن كم هي ضعيفة أمام صيغ الحياة و الطبيعة المبهمة.
وبذلك ندرك بأن أعتى و أصلب مبادئنا الإنسانية تخضع لاحتمالية انهيارها أمام أي خلل بسيط في الطبيعة حولنا ، ما يحيلها لشيء هش سهل الكسر أو الإنفجار ، ولهذا يستوجب علينا قياس ذلك على عوالم أكبر ، ما يحصل في مجتمعات بشرية خلقت طارئة ، كالمخيمات و المدن الناجية من الكوارث و حتى تلك التي لم تنج بعد ،
ولنتأمل كيف تصنع هذه الكوارث وكل تواطئات الطبيعة والزمن المجهول معها ، من النفس البشرية هذه مزيجاً من الشخصيات الآخذة في التعقيد حتى منتهاه . لأنها تعرّيها تماماً و تواجهها مع هذا العالم الذي يحتمل في أي لحظة تحوله إلى غابة .

الأحد، 15 ديسمبر 2013

ثلج للنشيد المر

سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الرخام
لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
واذهب إلى دمك المهيّأ لانتشارك
و اذهب إلى دمي الموحّد في حصارك
لا وقت للمنفى 
صاعدون نحو التئام الحلم ..."

محمود درويش
الصورة ل عدسة شاب دمشقي | Lens young Dimashqi


الاثنين، 9 ديسمبر 2013

1000 يوم يا أمّي

1000 يوم يا أمّي و نحنُ نجرجر الزّمان من ياقته ليتلطّف بنا ، 1000 يوم والغد الطائش يتربص لفرح شفيف يغمر شوراعنا لييعثر أطفالنا جثثاً و يحمّلهم على فوهات البندقيات 
1000 يوم و المراكب يا أمي تكاد تصل ولا تصل ولا تبين على شيء 
ها هي حمائمنا اليوم تتكي على كمدِ البلاد 
تعبت من أملنا العضال 
وتعبنا من انكسار النشيد على نايات الجنائز التي لا تنتهي 
لكن صدر البلاد ما زال يتسع للخناجر 
ولا زال في الدرب درب لنفتح صباحات البلاد على أبدية خالية من عنفوان الموت

فها نحن بكامل الجراح محملين نأتيك ، يا موت .ها هو ظلنا العاري منتصباً أمامك وإن هوى جذعه!

"لا شعب أصغر من قصيدته \
سنصير يوماً ما نريد ، لا الرحلة ابتدأت ولا الدرب انتهى "

#سوريا

السبت، 7 ديسمبر 2013

الطنطورية


لا تذكّرني رقية في رواية الطنطورية بشيء
ولكنّها صالحتني مع حالة التباس ّتنتابني كالحمّى و كل حين 
تحديداً عندما أفاجئ كلما مرّت صورة للبلاد القصية -من خلف هذه الشاشات اللعينة - بأني ما زلت قادرة على نصب خيمة في بطن بلادٍ تآكلت سفوحها بشواهد الأحياء و القبور 
هل أعيش وهماً لذيذاً حين أحلم بأبدٍ يتيح لي الحديث طويلاً عن هذه الالتباسات و أنا أنبش كل الصور و الأحاديث و الأغاني المبتورة التي تعبث بي؟

ربما 
سيخبرنا غرباء مثلنا بأن الفكرة لا تكتمل 
حتى بكل هذه التلافيف بداخلنا والتي كلما طالت الحرب، استطالت معها ..وتورّمت .